كتب تحت الطبع 2
كتاب - ذاكرة أخرى
هذا الكتاب هو سلسلة مقالاتي المنشورة في المجلة الثقافية (ملحق جريدة الجزيرة ) بداية من العام 2005
من محتويات الكتاب
( تلك كانت ، خطوتكَ الأخيرة نحوي ، تركتَني وحيداً ، ألعقُ غيمَ الماضي ، وفجاءةَ الجرح الأخير . عدْ إليَّ ، من بابك العتيق ، نتسلقُ قامةَ ظلنا ، ونزرعُ هاجسَنا الوحيد ، صدرَ اللحظة القادمة ) . ... هكذا يممتُ بوحي ، (متشائلاً) ، متسللاً لردهة الجبين الفارغ ، أقسمتُ بيني وبيني ، أن لا أعلن موتي ، إلا على صرخة الهشيم ، تحفرُ خندقاً في ذاكرة الهاربين ، إلى موتهم . ... هذا دمكَ الأخير ، يتبعُ أثركَ الهاربَ نحوي ، يشهدُ أنك تنزفُ من ذاكرةٍ مجروحة ، أنك تخفي ظلك المنفي ، أنك تسقطُ في شرَك الموتى ، أنك تهذي كالمحموم ، أنك تشهق كالمسموم . ... هذا دمك المكلوم ، يصرخ أنك بين القتلى ، أنك تفنى ، تفنى .
في صفحة خاصة عن وطني السعودية
لم أكن خيالياً ولا خالياً ، وأنا أغمرُ قاع ذاكرتي بنقاء صورتك العذبة ، وبهاء قامتك الممشوقة ، وجبينك العالي وهامتك العريضة . ربما كنتُ موغلاً في بياض تفاصيلك ، وضياء آفاقك وفضاءاتك . ... هكذا أنت ، وهكذا أنا ، أعشق ثراكَ وذرات ترابك ، حتى ثمالة هذا القلب ، وحتى آخر دقات النبض . هكذا أنا ، يلازمني شغفي بك ، وولهي بكل ما فيك ، وتحتلني صفحات ذاكرتك . ... وهكذا أنت ، تعلو في سماوات عزك وشموخك ، محلقاً بأجنحةٍ من نور ، تسابق أطياف ضوئك ، وظلال سنائك . هكذا أنت ، تهبُ كل ما لديك ، وتستبقي فيء كرمك ، ووارف عونك وعطائك . ... وهكذا أنا ، أحبك وأحبك وأحبك . أموتُ عشقاً فيك ، وفداءاً لأجلك . هكذا أنا ، مغرمٌ بفضائك ، من هنا إلى أقصى حدودك . ... هكذا أنت ، يغمرني نور ذاكرتك ، ومجد حاضرك ، وبهاء تاريخك . هكذا أنت .. وهكذا أنا .. أحبك .. أحبك يا وطني .
( ظلٌ هارب ، ظلٌ أسودٌ قاتم ، يهرعُ نحوي ، يتمايل كالمكلوم ، يتخبط كالمجنون ، يتهاوى كالمصروع المخذول ) . ... كان هناك ، بين الموت والموت ، يحاولُ ، أن لا يموت ، أن لا تخذله صرخته الأخيرة ، أن يطفو فوق الألم الساخن ، أن يكسرَ جرحه القاتل ، أن يمحو صورته الدموية . ... كان هناك ، وبكل مشاعره العفوية ، ينكر صورة دمه الأخير ، ينفي كونه يفنى ، أنه بين القتلى ، قتيلٌ خلف قتيل . ... لن أنسى ، كان يقفز للأعلى ، يدهُ تصعد في الهواء ، كان كمن يغرقُ في لونه ، ذاك اللون القانيّ الأحمر .
من صفحاته 6 - 11 - 20
يتهشمُ لونُكَ على جسدي ، يضيقُ حولي وفي داخلي ، يكادُ أن يخنقني ، أن يخفيني وينفيني . ... لونكَ بعثر أسئلتي ، أعمى بصيرتي ، وكفكفَ بصري . لونك يثقبُ ذاكرتي ، ويُسقطُ تاريخي . ... لماذا وحدي ، أحملُ إرثكَ المنفي ، و ظلك المشبوه ؟ ... لماذا يا هذا ، ألأني لا أشبهُ أحداً إلا أنت ؟ أم لأني أقفُ في مكانك الفارغ ، وأحملُ نكهة جسدك ، وأرضك ، وتاريخك ؟ . ... لماذا أنا يا هذا ، وليس غيري ؟ ...
2005 - 2009
سأمرقُ بين حدّ الغوايةِ في فتنتك ، وحدّ الفتنةِ في غوايتك ، مستعصماً بدهشة الحقيقة المذهلة ، ومستمسكاً بفيض انهمارها ، يملأ المكان . ... لن أغامرَ في انتهازيّةٍ بغيضة ، مدفوعاً بمثاليةٍ جوفاء ، تتعمق في سلب تفاصيلي العريضة ، سأقاومُ عثرة الحلم المترهل في أعماقي ، بما تبقى في ذاكرتي العتيقة . ... لن يغريني هامشك المشبوه ، ولن يسطع في أفق خيالي ، زيفُ نجماتك الموبوءة . سأحمل ظلي وظلال نشوتي ، لسدرةٍ وحيدة ، أعلق عليها فجر أحلامي ، ونهارات امتدادي لدهشة الحقيقة . ... أنا هناك ، للحظةٍ قادمة ، تغمر قاع صبابتي ، وجذور شجوني ، وتسبر غور المسافةِ بيني وبين ذاكرتي ، وذاكرةٍ أخرى تحجبُ الأفق البعيد .